التفاح الجيّد أم التفاح الرديء؟

عندما تتوفر معلومات وافية في الأسواق، تتمكن الجهات المنتجة من كسب المزيد من المال مقابل سلعها الأعلى جودة، لكن عندما لا تتوفر معلومات وافية في تلك الأسواق تُمكِّن المستهلكَ من معرفة الجودة الحقيقية للسلع المعروضة، تسفر الأسواق عن نتائج غير ناجعة.

النظرية

أطلق أكيرلوف (1970) على هذه النظرية اسم "مشكلة الليمون". عندما قد تتفاوت الجودة الحقيقية للسلع المعروضة في السوق، يصبح سعر السوق مساويًا لسعر السلع متوسطة الجودة. وتتسبب هذه الظاهرة في خروج الجهات المنتجة للسلع الأعلى جودة من السوق ويكون على المستهلك التعايش مع السلع متدنية الجودة التي يستند سعرها إلى متوسط جودة هذه السلع. وعندئذٍ يغادر السوق النصف الأعلى من الجهات المنتجة للسلع الأدنى جودة وإذا ما استمر الوضع على هذه الحال، .ينتهي المطاف بمغادرة جميع الجهات المنتجة  واختفاء السوق تمامًا وسقوط الاقتصاد..

والآن، دعونا نتوسّع في الشرح ونقول إن الأسواق يتوفر فيها بشكل عام نوعان من البائعين ("جينزوف" 1993). لنفترض على سبيل المثال وجود سوق للتفاح الجودة الحقيقية للتفاح المعروض فيها غير معلومة للمشترين. كل ما يعرفه هؤلاء المشترين أن في السوق نوعان فقط من البائعين. النوع الأول (النوع 1) ينتج تفاحًا ليبيعه. والنوع الثاني (النوع 2) ينتج تفاحًا ليبيعه ولاستهلاكه الشخصي. أنت كمشترٍ، أي بائع سترغب في شراء تفاحك منه؟

من المنظور الاقتصادي، يجدر بك شراء تفاحك من النوع 1. فهذا البائع يعرض في السوق التفاح الذي ينتجه بكل أنواعه الممتازة والجيدة والرديئة. النوع 2 من البائعين سيحتفظ بالنوع الممتاز لنفسه ولن يبيع سوى النوعين الجيد والرديء. لذلك النوع 1 من الجهات المنتجة يزوّد السوق بتفاح أعلى جودة مقابل أسعار أغلى.

التطبيق

دعونا نطبق هذه النظرية على عملية التنظيم. لنفترض توفر نوعان من الجهات التنظيمية. النوع الأول (النوع 1) منها لا ينظّم سوى السوق وكل الشركات الخاضعة لأنظمته يمكنها التنافس في السوق للحصول على التمويل. لذلك السوق التي يمكن الحصول منها على التمويل في بيئة النوع 1 ستشمل شركات يتفاوت مستواها بين الممتاز والجيد والضعيف. النوع الثاني من الجهات التنظيمية (النوع 2) ينظّم السوق ويختار أن يستثمر في بعض الشركات الخاضعة لأنظمته. باختياره الاستثمار في بعض الشركات والسماح لشركات أخرى  بالتوجه نحو السوق، يكون هذا النوع من الجهات التنظيمية قد أرسل إشارة إلى السوق مفادها أنه اختار أن يستثمر في الشركات من الفئة الممتازة وترك للشركات من الفئة الجيدة والضعيفة حرية العثور على التمويل المناسب لها في السوق.  وسيترتب على هذا الوضع نتيجة اقتصادية تتمثل في انخفاض الأسعار وتقلّص آفاق الاستثمار أمام جميع الشركات التي تختار الجهة التنظيمية عدم الاستثمار فيها، بغض النظر عن المستوى الحقيقي لهذه الشركات.

وبالتالي تتسبب الجهة التنظيمية في عرقلة مسار السوق ككل إذا ما اختارت أن تتحول أيضًا إلى جهات استثمارية. ويكون الخيار الأمثل في هذه الحالة الفصل بين الجهة الاستثمارية والجهة التنظيمية.

Previous
Previous

Dr. Abdullah Al-Bahrani Presentation at Majlis Al Khonji

Next
Next

Good Apples or Bad Apples?