رؤية 2040 التخطيط للمستقبل: تكوين سوق عمل مزدهرة في سلطنة عمان
نبذة عن المؤلف:
هذا التقرير صادر عن الدكتور عبدالله البحراني، وهو بروفيسور مساعد في العلوم الاقتصادية بجامعة نورثرن كنتاكي الأمريكية، وحاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة كنتاكي، وهو متخصص في هيكلية الأسواق ومخرجات الأسواق. وقد تركز بحثه على كيفية تكوين أسواق فاعلة للرهن العقاري على شبكة الإنترنت، وأسواق التعليم. كما يشغل الدكتور عبدالله منصب مدير مركز التعليم الاقتصادي والذي يركز على مساعدة الناس للتوصل إلى قرارات أفضل من خلال تحسين فهم المبادئ الاقتصادية.
تويتر: @DrAAlBahrani
بريد إلكتروني: abdullah.albahrani@gmail.com
موجز
إن المطالبات التي صدرت مؤخراً عن الشباب الساعين للحصول على عمل زادت من الاهتمام بأحوال سوق العمل في سلطنة عمان. كما أن المحاولات المبذولة للتخفيف من أسباب القلق بالسوق أدت إلى سياسات متجزئة تمكنت من تسوية بعض المشاكل على المدى القصير، إلا أنها غير قادرة على التعامل معها على المدى الطويل. يقدم هذا التقرير تحليل عن الترابط القائم بين سوق العمل والسياسات العامة. وليمكن التوصل إلى حل طويل الأمد لمشاكل سوق العمل تحتاج العديد من الوكالات الحكومية والشركات التجارية والمؤسسات التعليمية إلى التنسيق فيما بينها بشكل أكثر. القرار الأكثر تعقيداً هو أنه على السلطنة ومواطنيها أن يقرروا ما إذا كان التوظيف هو حق أو ميزة، حيث إن هذا القرار يتحكم بالسياسات المستقبلية.
نظرة عامة على السوق
يوجد حالياً 2.544.115 عامل مشارك بسوق العمل العمانية، ويمثل هذا العدد زيادة بنسبة 5.6% لأكثر من السنة السابقة[1]. وفي حين أن معدل نمو القوى العاملة يعتبر عالي، إلا أنه يظهر علامات على التباطؤ، بالنظر إلى أن معدل النمو بنسبة 5.6% سنة 2017 هو أقل من 8.9% وهو معدل نسبة النمو التي شهدتها السوق خلال 7 سنوات من 2011 إلى 2017. خلال السنوات الأربع الماضية تخرج حوالي 34.000 خريج جديد من حاملي شهادة الثانوية العامة، بعضهم دخل سوق العمل، وبعضهم الآخر قرر متابعة التعليم العالي يحدوهم الأمل بالعثور على وظيفة عند التخرج. إلا أن هذا المعدل العالي للنمو في عرض العمالة لم يقابله نمو في الطلب على العمالة.
تشير أحدث بيانات التوظيف بأن المعدل العام للبطالة يبلغ 16%، ومعدل البطالة بين الشباب يبلغ 49%[2]، إلا أن الموضوع الأكثر إلحاحاً هو وجود نسبة 40% من المواطنين العمانيين ضمن الشريحة العمرية أقل من 25 سنة، وهذا هو العمر الأمثل للعمل. وهذه النسبة المرتفعة من البطالة ضمن شريحة الشباب سوف تؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد، حيث إن استمرار هؤلاء الشباب بدون عمل يؤدي إلى انخفاض قيمة التعليم والمهارات لديهم، وتزداد صعوبتهم للحصول على عمل مع مرور كل سنة، حتى أن العاطلين عن العمل لفترات طويلة يعتبرون أنهم عاطلون عن العمل فعلياً من الناحية الهيكلية ويحتاجون إلى برامج تدريبية ليتمكنوا من العودة إلى سوق العمل بنجاح.
خلال عشر أو عشرين سنة القادمة سيكون على السلطنة تحسين المقاربة بين الموظفين وأصحاب الأعمال، حيث إنه ليمكن تخفيف الضغط عن سوق العمل العمانية سيكون من الضروري قيام المخططين الاقتصاديين والاستراتيجيين بالتنسيق مع العديد من الوكالات الحكومية والشركات التجارية، بالنظر إلى أنه لا يمكن لجهة واحدة فقط التوصل إلى حل لمشكلة سوق العمل العمانية. إن مستقبل سوق العمل العمانية يتطلب التنسيق واعتماد طريقة شمولية لتوفير فرص العمل للمواطنين، وضمان وجود موظفين مؤهلين للفرص الوظيفية التي سيتم توفيرها. إن المشكلة في سوق العمل العمانية هي مضاعفة من حيث مشكلة في العرض ومشكلة في الطلب.
ومع قيام السلطنة بتطوير وإصدار الخطة الاستراتيجية، رؤية 2040، فإنه من الضروري النظر إلى دور سوق العمل في تطوير الاقتصاد والمضاعفات الاجتماعية والسياسية لسوق عمل ذات أداء أقل مما هو مطلوب. من الضروري أن تبحث رؤية 2040 موضوع الترابط بين "الأركان الثلاثة" لسوق العمل، والتي تم تحديدها، وهي الإنسان والمجتمع، والتنمية الاقتصادية، والحوكمة والأداء المؤسساتي.
يقدم هذا التقرير منظور اقتصادي حول مختلف قطاعات سوق العمل والنواحي التي يتوجب على صانعي السياسات تقييمها، مع وجود توصيات حول السياسات كلما أمكن. كما يناقش هذا التقرير كيف يمكن للسلطنة الاستثمار في المجالات التالية:
زيادة فرص العمل-1
2- تطوير موظفين جاهزين للعمل
3- التقليل من الاحتكاكات في سوق العمل
الطلب على القوى العاملة
من الناحية التاريخية فإن أكبر صاحب عمل في السلطنة كان القطاع العام، وهذا الوضع هو وضع نموذجي بالنسبة للاقتصاد القائم على الموارد. إلا أنه مع بداية تحول السلطنة للاستغناء عن النفط أصبح من الضروري المساعدة في تطوير قطاع خاص مزدهر. وخلال العقود الماضية كان هنالك اهتماماً متزايداً لمساندة تأسيس وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة. وفي حين أنه تم تخصيص الموارد، إلا أنه توجد عدة مواضيع أدت إلى إعاقة النمو في هذا المجال.
التحيز الثقافي
بداية، هذا يعتبر تحيز ثقافي، الخريج العماني عادة يفضل العمل في القطاع العام، حيث إنه لا يمكن للقطاع الخاص المنافسة من حيث المكانة الاقتصادية، والرواتب، والتأكيدات المصاحبة للعمل في القطاع العام. من الضروري تخصيص جهود التعليم والعلاقات العامة لزيادة اهتمام الشباب بالعمل في القطاع الخاص، وهذه الجهود يجب أن تبدأ في المرحلة التعليمية من صف الحضانة إلى الصف الثاني عشر، مع زيادة التركيز على أهمية القطاع الخاص بالنسبة للتنمية الاقتصادية.
فرص الشركات الصغيرة
ليمكن تكوين بيئة ريادة أعمال مزدهرة تشتمل على مختلف أحجام الشركات فإنه من الضروري توجيه الجهود نحو تقليل العوائق الموجودة للمباشرة بالأعمال التجارية. معظم الشركات الكبيرة تبدأ بكونها مؤسسة لشخص أو شخصين. ولتسهيل هذه الإجراءات يجب على الحكومة العمل على تخفيف الإجراءات المصاحبة للمباشرة بالأعمال التجارية، والتقليل من عدد الأيام اللازمة، والأهم من هذا، زيادة شفافية الإجراءات، حيث إن زيادة المعلومات المتوفرة لرواد الأعمال الجدد تؤدي إلى زيادة الاهتمام والتشجيع على تأسيس شركات ومشاريع جديدة.
بموجب بيانات البنك العالمي تحتل السلطنة المركز 78 من أصل 190 دولة على مؤشر تسهيل مباشرة الأعمال التجارية[3]. للمباشرة بأي عمل تجاري في السلطنة تحتاج إلى 4 خطوات إجرائية على الأقل، وتستغرق حوالي 6 أيام من الجهد، على الأقل، لتكملة الإجراءات. في المقابل، تحتاج لخطوة واحدة فقط لمباشرة العمل في نيوزيلندا ويتم إنجازها خلال فترة لا تزيد لأكثر من نصف يوم.
كما أن تخفيف الإجراءات والأعمال الورقية المصاحبة لتأسيس أعمال جديدة سيؤدي إلى زيادة عدد الشركات العاملة، وعلى المدى الطويل سوف يخف الضغط عن القطاع العام لتوفير فرص العمل، بالإضافة إلى زيادة احتمال تطور الشركات الصغيرة إلى شركات متوسطة وكبيرة. ويعتبر تسهيل الجهود والإجراءات المصاحبة لتأسيس أعمال جديدة من الشروط الأساسية لنجاح سوق ريادة الأعمال. الشركات الصغيرة الجديدة تساعد في تكوين وظائف جديدة، فقد دلت دراسات السوق الأمريكية أن كل شركة صغيرة تساعد في تكوين 0.54 وظيفة جديدة، وفي حال قيام 5% من الخريجين بتأسيس أعمالهم الخاصة، فسوف تنخفض احتياجات سوق العمل بحوالي 1612 وظيفة (وظائفهم) بالإضافة إلى 870 وظيفة (وظائف إضافية جديدة) أي ما مجموعه 2.482 وظيفة.
وليمكن تحقيق هذا الهدف بنجاح فإنه من الضروري تخصيص الموارد اللازمة للمجالات التالية: 1) تحويل التوظيف في الشركات الصغيرة إلى فرصة مقبولة من الناحية الاجتماعية. 2) تسهيل تأسيس الشركات الصغيرة والتقليل من الإجراءات.
جذب شركات دولية
يمكن للسلطنة زيادة الفرص الوظيفية من خلال زيادة عدد الشركات الدولية العاملة في السلطنة. من الضروري أن تشدد السلطنة على هدف جذب الشركات الدولية ضمن خطة التنمية الاقتصادية والرؤية الاقتصادية 2040. الشركات الدولية تهتم بالمجالات التالية: 1) سهولة الملكية. 2) الحصول على موظفين من أصحاب المهارات. 3) تكلفة العمالة. 4) قوانين العمل. 5) المواصلات والخدمات اللوجستية.
إن الاستثمارات الأخيرة وافتتاح مطار مسقط الدولي تدل على مدى التزام السلطنة بتسهيل السفر، كما أن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والمدينة الصناعية، والميناء تسهّل حركة البضاعة والسلع من وإلى السلطنة. إلا أنه من الضروري تسويق هذه المبادرات، ومن الضروري تسويق السلطنة على الساحة الدولية من حيث مزايا الشفافية والتوعية، ومن المهم الاستفادة من الميزة الجغرافية التي تتمتع بها السلطنة.
جذب الشركات الجديدة يستلزم عرض البيانات الإقليمية بصورة علنية حول أعداد الأفراد المؤهلين، والوظائف التي يمكنهم القيام بها، وما هي المواقع المتوفرة والمنفتحة على التنمية؟ وما هي تكلفة الخدمات العامة؟ هل توجد أي مجموعات تجارية؟ وما هو الإطار الحالي للبنية التحتية؟ هل تم تطوير الطرقات والخدمات بالكامل وهل يمكنها مساندة تجمعات الشركات؟
ليمكن جذب الشركات الجديدة فإنه من الضروري توضيح تفاصيل قوانين التجارة وتكلفة الأعمال التجارية، كما أن الشركات مهتمة بالسلطنة بفضل انخفاض نسبة المخاطر السياسية، وهي ميزة تنفرد بها السلطنة عن باقي الأسواق المنافسة الأخرى بالمنطقة.
التعمين
من المواضيع التي تهم الشباب العاطلين عن العمل في السلطنة معدل العمال العمانيين مقابل العمال الأجانب. وفي حين أن السلطنة قد أعلنت عن التزامها بخطة تعمين الوظائف، إلا أن البيانات تشير إلى زيادة أعداد العمال الأجانب بمعدلات أعلى. وتبدو الزيادة في أعداد العمال الأجانب أكثر وضوحاً عند مستوى الدخول إلى سوق العمل، وهي الأعمال التي لا تستلزم وجود خبرة. وفي حين أن صانعي السياسات قاموا بتنفيذ نظام الحصص بالنسبة لأعداد العمال الأجانب الذين يمكن للشركات توظيفهم، إلا أن هذه السياسات لم تحقق الفاعلية المطلوبة. من الضروري أن يطرح صانعي السياسات سؤال حول تفضيل الشركات العمانية توظيف عمال أجانب بدلاً عن مواطنين، والجواب يمكن أن يكون سببين، الأول هو التكلفة، والسبب الثاني التحيز.
من المحتمل أن العامل العماني أكثر تكلفة من العامل الأجنبي بالنسبة للشركات، وهذه التكاليف يمكن أن تكون على شكل رواتب واضحة، أو تكاليف غير مالية. هل العامل العماني الداخل إلى سوق العمل يحتاج للمزيد من التدريب أكثر من العامل الأجنبي؟ الباحثين عن عمل يقولون إنهم مهمشون بالنسبة للوظائف التي ينتهي بها الأمر إلى توظيف عمال أجانب لديهم خبرة أكثر وغالباً برواتب أقل. وهذه الحالة تثير تساؤلات حول مضاعفات الحد الأدنى لراتب المواطن العماني وكيف يمكنه التأثير على الأشخاص المستهدفين بالمساعدة، وهم الباحثين عن عمل عند مستويات الدخول إلى سوق العمل. وبالإضافة إلى تكلفة الرواتب، هل توجد تكاليف أخرى مصاحبة لتوظيف وفصل المواطنين والتي تعتبر غير موجودة بالنسبة للعمال الأجانب؟ هل هنالك قوانين أكثر مصاحبة لتوظيف العمانيين لا يتم تنفيذها بالنسبة للعمال الأجانب؟ هذه الأسئلة يمكنها فعلاً ترجيح قرار التوظيف لصالح العمال الأجانب. إن هذه السياسات، والتي تم وضعها بنية حسنة، أدت إلى عواقب غير مقصودة.
الاحتمال الثاني هو أن تكلفة العامل العماني والأجنبي متساوية من حيث التكلفة، إلا أن المفهوم السائد في السوق هو أن العماني أقل كفاءة من الأجنبي، أو أنه أكثر صعوبة للتعامل معه. إن الحل لهذه المشكلة لا يتعلق كثيراً بالاقتصاد، بل أكثر بزيادة التوعية الثقافية. بغض النظر، هي مشكلة يتوجب على صانعي السياسات الإقرار بها ومواجهتها. إن تحديد حصص للعمال الأجانب لا يؤدي إلى حل المشكلة الكامنة تحت السطح. وليمكن زيادة أعداد العمانيين العاملين في القطاع الخاص يجب أن نسأل لماذا الموظف العماني أقل تفضيلاً من الموظف الأجنبي عند اتخاذ قرارات التوظيف.
العرض على القوى العاملة
ليمكن التوصل إلى تسوية مشاكل سوق العمل يجب أن نتعامل أيضاً مع دور العرض على القوى العاملة، ويعني الباحثين عن عمل. إن وفرة مشاركة القوى العاملة تثير مسألة مقارنة مهارات العمال المعروضة مع مهارات العمال المطلوبة. هل الموظف العماني مستعد للعمل في اقتصاديات اليوم؟
التعليم
للرد على هذا السؤال يجب تقييم دور التعليم في إعداد القوى العاملة المستقبلية. إن التخطيط طويل الأمد لسوق العمل يجب أن يشمل كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، بالإضافة إلى استراتيجيات توفير الفرص التعليمية لتطوير مجموعات المهارات اللازمة للاقتصاد في المستقبل. يجب على المؤسسات التعليمية النظر نحو 10 – 20 سنة في المستقبل لتطوير قوى عاملة من الأفراد الجاهزين والمستعدين ليكونوا أعضاء منتجين في اقتصاديات المستقبل. وهذه الحالة لا ترتبط فقط بالسوق العمانية، حيث إن دور التعليم العالي أصبح موضع تساؤل على الساحة الدولية، وهذا السؤال هو هل أن دور التعليم العالي هو تطوير مفكرين أو عمّال؟ من نافلة القول إن الاقتصاد المزدهر يشتمل على توازن جيد من الاثنين، إلا أنه من الضروري توضيح التوقعات بوضوح إلى الطلاب، وهذا هو دور التوجيه الوظيفي والاستشارات والإرشاد.
على المدى القصير، يتمحور دور وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي حول توفير إشارات قوية لإمكانيات خريجي النظام الحالي، وتقوم شركات القطاع الخاص بتوظيف الموظفين ضمن ظروف من عدم اليقين، ويمكننا التقليل من عدم اليقين من خلال زيادة شفافية المناهج وأهداف التعلّم، وبالتالي يمكن للشركات تحسين معلوماتها عن جودة تعليم الخريجين الجدد.
الخبرة
في حال كانت النظرة إلى الموظف العماني كونه أكثر تكلفة أو تنقصه الخبرة، عندها يمكن زيادة الإنتاجية من خلال اكتساب الخبرة قبل التخرج، ويمكن للتعليم العالي الاستثمار في زيادة فرص التعلم التجريبي وتوصيل التعليم مع القطاع الخاص، وبالتالي يجب أن يكون التمرين، والمرافقة أثناء العمل، والتعلم على أساس المشاريع ضمن نظام التعليم. حيث إنه بدون هذه الجهود سيكون الموظف العماني أقل أفضلية من الموظف الأجنبي. الخيار الآخر الوحيد هو تقليل الحد الأدنى للأجور عند مستويات الدخول إلى سوق العمل، بالنظر إلى أنه من غير الممكن أن يتوقع الموظف العماني الحصول على رواتب عالية إذا لم تكن مقارنة مع الإنتاجية العالية، لا يمكن أن تكون الرواتب على أساس الجنسية فقط.
إن نجاح سوق العمل على المدى الطويل يستلزم أن تكون الوكالات المعنية بتوفير العمالة على معرفة تامة بأنه يتم تحديد الوظائف والرواتب على أساس الإنتاجية، وأنه من خلال جهودهم يمكنهم توضيح إنتاجيتهم. الحصول على شهادة جامعية لا يكفي للمنافسة في سوق يتميز بوفرة العمالة.
التواصل بين الجهات المشاركة بسوق العمل
توجد مشكلة في جميع أسواق العمل وهي مشكلة المطابقة[4]، بما أن جميع فرص العمل غير متساوية، ويوجد اختلافات كذلك بين جميع المتقدمين للعمل، بحيث يصبح من الصعب مطابقة كل طالب عمل مع العمل المناسب، والعكس صحيح. هذه المشكلة تستلزم طريقة للتنسيق بين الجهات المشاركة بسوق العمل. عملية البحث مكلفة لكل من جهة العرض وجهة الطلب، والجهة الوسيطة، مثل تلك التي تقدمها وزارة القوى العاملة، التي توفر المنصة المناسبة حيث يمكن للجهات المشاركة بسوق العمل التفاعل والتعامل مع بعضها البعض.
إن نجاح هذه المنصة يتعلق بتأثيرات السمعة. المطابقات الناجحة يجب أن تكون شفافة، كما أن عملية البحث يجب أن تكون سهلة نسبياً للباحثين عن عمل وأصحاب العمل. إعلانات الوظائف يجب أن تظهر المتطلبات الحقيقية للعمل، والأهم من هذا، يجب على الباحثين عن عمل بذل جهودهم في عملية البحث وأن يكونوا قادرين على توضيح اختياراتهم المفضلة. يجب على الباحثين عن عمل استثمار وقتهم بالبحث بصورة دورية، مع ضرورة تحديث إعلانات الوظائف بصورة دورية، حيث إن الفشل سيكون من نصيب السوق التي لا يتوفر فيها تدفقاً للمعلومات، أو في حال تعرض سمعة منصة التوظيف.
تكوين مركز متخصص وناجح للتوظيف هي عملية صعبة ومعقدة، ودور الحكومة هو توفير البيئة لكن ليس التحكم بالعملية. إن إطار العمل الموضح بهذا التقرير يختلف كثيراً عن البوابة الإلكترونية الحالية للوظائف. من الضروري أن تكون هنالك عناية شديدة لعملية المطابقة للمساعدة في المطابقة بين الجهات المشاركة في سوق العمل.
شفافية البيانات
إن الأفكار المقدمة بهذا التقرير تعتمد كثيراً على إمكانية الوصول إلى طريقة للتوصل إلى قرارات مستنيرة. من الضروري توفير بيانات موثوقة بحيث يمكن أن تكون القرارات على أساس المعلومات الصحيحة. من الضروري وجود بيانات حول الأجور والرواتب، والتوظيف، وفرص العمل، والخريجين، والأنظمة المدرسية، وعمليات الشركات الصغيرة والمتوسطة، والبنية التحتية، وغيرها. إن المشاكل الحالية في سوق العمل تعتمد كثيراً على جهات حكومية متعددة وليست مشكلة محصورة بوزارة القوى العاملة فقط.
إن التخطيط الناجح للرؤية الاقتصادية 2040 يجب أن يشمل بوضوح سياسة سوق العمل. من الضروري إشراك صانعي سياسات التعليم والشركات والباحثين عن عمل في عملية اتخاذ القرارات لتحديد الأهداف للمستقبل، والخطوة الأولى لتسوية هذه المشكلة هي تحديد ما إذا كان التوظيف هو حق أو ميزة، والجواب يحدد السياسات التي يجب تنفيذها.
الاستنتاج
تمت كتابة هذا التقرير لتوفير لمحة عن تعقيدات المشكلة الموجودة في سوق العمل العمانية، وعلى صانعي السياسات المهتمين بتخفيف الضغط في سوق العمل الإدراك بأن الحل لهذه المشكلة يجب أن يكون شمولياً وأن تصاحبه رؤية نحو المستقبل. الحلول قصيرة الأمد توفر فقط راحة مؤقتة في حين تستمر المشكلة الكامنة بالظهور بعد كل سنة أو سنتين. ومع توجهنا نحو المستقبل يجب أن نطرح سؤالين في غاية البساطة:
ما الذي يمكننا القيام به لزيادة فرص العمل في القطاع الخاص؟
كيف يمكننا زيادة الطلب على القوى العاملة العمانية؟
[1]www.economy.com/oman/labor-force
[2]https://www.worldbank.org/en/country/gcc/publication/economic-outlook-april-2018-
[3]http://www.doingbusiness.org/en/data/exploretopics/starting-a-business
[4]https://en.wikipedia.org/wiki/Matching_theory_(economics)